أخبارك

رئيس اتحاد المصارف العربية يوصي بإسراع الحكومات العربية نحو التحول الرقمي واقتصاد المعرفة

الأتربي يطالب بوضع استراتيجيات مناسبة للتخفيف من المخاطر المحتملة المرتبطة بتعطل نظم التقنية وتطبيقاتها أو تعرضها للخطر

قال محمد الأتربي، رئيس كل من اتحاد بنوك مصر واتحاد المصارف العربية، ورئيس مجلس إدارة بنك مصر، خلال ملتقى رؤساء إدارات المخاطر بالمصارف العربية الذي عقد في مدينة شرم الشيخ، إن النشاط الاقتصادي العالمي يشهد تباطؤاً واسعا فاقت حدته التوقعات، مع تجاوز معدلات التضخم مستوياتها المسجلة خلال عدة عقود سابقة، وتنوء الآفاق بأعباء ثقيلة من جراء أزمة تكلفة المعيشة، وتشديد الأوضاع المالية في معظم الدول، والغزو الروسي لأوكرانيا، واستمرار جائحة كوفيد-19، وتشير التنبؤات إلى تباطؤ النمو العالمي من 6,0% في عام 2021 إلى 3,2% في عام 2022 ثم 2,7% في عام 2023، فيما يمثل أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ عام 2001 باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحرجة من جائحة كوفيد-19.

وقال الأتربي: “نشهد اليوم.. مخاطر مغايرة ومتلاحقة لم نشهدها من قبل.. تفرض علينا ان نفكر في سبل مبتكرة للنجاة من أثارها أو بالأحرى التحكم في مستويات تأثيرها وتحجيمها، ويتأتى ذلك في ضوء دراسة مدي فعالية خطط التعافي المطبقة بالبنوك و إجراءات المحاكاة المرتبطة بها ، بالإضافة الي مراجعة التدابير المتخذة للوقوف علي نقاط الضعف لدي البنوك وتداركها في إطار زمني قصير، بالإضافة الي تبني التطبيق الفعال لمبادئ الرقابة الداخلية وفق منهج (COSO) من خلال العمل علي فعالية التدقيق الذاتي المستند للمخاطر والتقييم الدقيق للمخاطر الجوهرية بالبنوك”.

وأضاف أن هذا الملتقي يُعد بمثابة منصة تسمح لنا بتبادل الرؤي والنظر إلى تطلعات وتوجهات الكثير من المنظمات الدولية والسلطات الاشرافية والرقابية المعنية ومن أهمها لجنة بازل للرقابة المصرفية (BCBS)، وبخاصة بعد إصدارها الورقة النهائية المتضمنة لمجموعة التعديلات الإصلاحية على المناهج المعيارية لقياس وإدارة المخاطر الائتمانية ومخاطر التشغيل والتي تعد بمثابة المراجعة النهائية لاتفاقية بازل (3) عام 2017.

وبالنظر للدور الحاسم الذي تلعبه البنوك في النظام المالي العالمي، قال الأتربي إن زيادة قدرة البنوك على استيعاب الصدمات والمخاطر التي يمكن أن تتسبب في إخفاقات تشغيلية كبيرة أو اضطرابات واسعة النطاق في الأسواق المالية، مثل الأوبئة، والحوادث الحاسوبية، وإخفاقات التقنية أو الكوارث الطبيعية، ستوفر ضمانات إضافية للنظام المالي العالمي ككل…ويتأتى ذلك من خلال رفع مستويات القدرة على التكيف التشغيلي عبر إدارة المخاطر التشغيلية بفعالية.

وتابع قائلًا: “يأتي ذلك أيضا في ضوء سعي البنوك للاستعانة بالخبرات السابقة في تطبيق خطط التعافي وخاصة الدروس المستفادة المصدرة من خلال السلطات الإشرافية بالبنك المركزي الأوربي، لضمان وجود نظام تعافي فعال يدعم جاهزية البنوك في مواجهة الضغوط الاقتصادية وخاصة التحديات الجسيمة التي قد تواجه نظامنا المصرفي إقليمياً وعالمياً”.

وأضاف أن أهم ما يؤرق السياسات النقدية المطبقة بمختلف بلدان العالم، مستويات التضخم المتزايدة والتي أدت لصبغ معظم السياسات النقدية بالتشدد، في محاولة لتحييد نسب التضخم، حيث ارتفع معدل التضخم العالمي من 4.7% عام 2021، ليصل إلى 8.8% في عام 2022، كما عانت الإقتصادات المتقدمة من ارتفاع معدلات التضخم بها إذ ارتفعت بكل من الولايات المتحدة الامريكية، ودول الاتحاد الأوربوي، والمملكة المتحدة بنحو 7.74% و 10.7% و11.1% لكل منهما على التوالي بمطلع شهر أكتوبر 2022 مقترنة بنحو (-1.182%) و (-0.3%) و 0.7 لكل منهما على التوالي بمطلع أكتوبر 2020، ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، وعلى الصعيد الإقليمي فمن المحتمل أن تسجل الدول العربية كمجموعة مستوى تضخم مرتفع نسبياً خلال عامي 2022 و2023 يبلغ حوالي 7.6% و7.1%، على التوالي.

وأكد أن معدلات التضخم المرتفعة إلى أثار سلبية عديدة لعل أهمها، تراجع القوة الشرائية وخفض الدخول الحقيقية للأفراد، الأمر الذي يؤثر في الطلب بأنواعه سواء على المنتجات او الخدمات والمتضمنة كافة أشكال الخدمات المصرفية للأفراد والذين يشكلون نسبة كبيرة سواء على مستوى الادخار أو الإقراض بالبنوك.

وأضاف: “على جانب أخر تمثل معدلات التضخم المرتفعة ضغوطاً على ربحية بعض الشركات مما يزيد من حجم المخاطر بالقطاعات التي تنتسب إليها، الامر الذي يؤدى بالنهاية لتحوط البنوك من تمويلها.. كما أن زيادة معدلات التضخم تؤثر بشكل مباشر في حركة التجارة العالمية، وعلى مستويات أسعار الصرف وتزيد من المنافسة بين الدول مما يؤدى إلى تراجع الاستقرار الاقتصادي”.

وقال الأتربي إنه للتحكم بمستويات التضخم العالمية المرتفعة لم تجد البنوك المركزية سبيل سوى رفع أسعار الفائدة للتحكم به عند مستويات مقبولة، وتجلي ذلك بوضوح في قيام البنك الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة على الدولار للمرة الخامسة على التوالي خلال عام 2022 لتتراوح بين 3 إلى 3.25 % ويعد هذا هو أعلى سعر فائدة على الدولار منذ أوائل عام 2008.

وتابع: “لا يخفي على الجميع تأثير تلك الزيادات على الديناميكيات التجارية للعملة والأسعار والتجارة الأمر الذي أدي إلى قيام البنوك المركزية الأخرى، لا سيما في الأسواق الناشئة إلى رفع أسعار الفائدة، ومن ثم ترك سعر الصرف لآليات العرض والطلب، ونتيجة لما سبق أصبحت الصناعة المصرفية أمام ضغوط متزايدة على هوامش الربحية الخاصة بها، نظراً لتراجع مستويات الإقراض والاستثمار، لذا فأن دعم المراكز المالية ودعم المخصصات والاحتياطيات، من خطوط الدفاع الأولى لمواجهة تلك الصدمات وهو ما تضمنته توصياتنا”.

وعلى صعيد آخر، أكد اتحاد المصارف العربية أن المخاطر التي تواجهها البنوك لم تعد تقتصر على إدارة المخاطر التقليدية المتمثلة في الائتمان والتشغيل والسوق وغيرها، حيث أن الأمر أمتد ليشمل المخاطر المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات، ولقد شهدت الصناعة المصرفية الكثير من التطورات والتغيرات نتيجة التقدم التكنولوجي المتسارع خلال الثلاثة أعوام الماضية، حيث تمت رقمنة الأصول وتداولها الكترونياً و أتسع نطاق هذا التداول خلال الحوسبة السحابية، وبرزت العديد من المنتجات المالية الجديدة التي تقدمها البنوك، مما وضع الصناعة المصرفية أمام خدمات كثيرة تستوجب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية لتعظيم المردود من هذه التطورات والحد من المخاطر الناجمة له، وعلى ذلك تصبح إدارة المخاطر ولاسيما المرتبطة بالتكنولوجيا المالية الناجمة عن التحول الرقمي وتزايد التحديات الخاصة بإدارة مخاطر الامن السيبراني، إذ أن الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها البنوك تسببت فى تغيير نماذج الأعمال المصرفية، وفى الوقت نفسه تتزايد اعداد التهديدات الإلكترونية بسرعة هائلة، وقد أزداد حجم التهديدات والتحديات السيبرانية مؤخراً نظراً لسيادة القنوات والواجهات المصرفية القائمة على الأنترنت لتوفير خدمات مصرفية مريحة للعملاء.

وأوضح أن التقدم التكنولوجي يزيد من تكرار ودرجة تعقيد الهجمات السيبرانية فوفقاً لموقع Fortune.com هناك 1291 اختراق للنظم الإلكترونية خلال عام 2021 مقارنة بعدد هجمات 1108 عام 2020 مما يدلل على الاتجاه التصاعدي لتلك الهجمات، كما تضمن تقرير Sonicwall,2022 لإحصائيات تظهر تصاعد الهجمات السيبرانية، حيث ارتفعت نسبة تهديدات التشفير في عام 2021 بمعدل 167% بما يوازى (10.4مليون هجوم) وارتفعت هجمات فيروس الفدية بنسبة 105% (623.3 مليون هجوم) وزادت هجمات Cryptojacking على أجهزة الحاسب المرتبطة بالعملات المشفرة بنسبة 19% (97.1 مليون هجوم) وارتفعت محاولات التسلل بنسبة 11% (5.3 تريليون هجوم) كما زادت البرامج الضارة الموجهة إلى إنترنت الأشياء بنسبة 6% (60.1 مليون هجوم)،و توقعت دراسة Cypersecurity Venture لعام 2022 أن تصل تكلفة الهجمات السيبرانية إلى 10.5 تريليون دولار بحلول عام 2025 بمتوسط نمو سنوي 15% ، كما يقدر صندوق النقد الدولي تكلفة الهجمات السيبرانية في قطاع الخدمات المالية بنحو 270 إلى 350 مليار دولار سنويا حال اتساع نطاق هذه الهجمات…لذا لم يعد الأمن السيبراني مسألة تقنية فقط، بل أصبح متطلب أساسي لا غنى عنه لتأمين وحماية المؤسسات المالية من مخاطر الأعمال، كما أن غيابه يمثل خطر استراتيجي على القطاع المالي والمصرفي.

وطالب رئيس كل من اتحاد بنوك مصر واتحاد المصارف العربية، ورئيس مجلس إدارة بنك مصر، بتبني عدد من التوصيات في هذا الصدد، وهي:

• وضع استراتيجيات مناسبة للتخفيف من المخاطر المحتملة المرتبطة بتعطل نظم التقنية وتطبيقاتها أو تعرضها للخطر. وأن تُقيم ما إذا كانت المخاطر تقع ضمن حسابات البنك التحوطية في مواجهة المخاطر والاضطرابات.

• تبني إنشاء نماذج تسعير داخلية متقدمة للبنوك تعكس حساسية رأس المال للأصول المستهلكة، ودعم هذه النماذج بشكل مستمر بالتوقعات الاقتصادية المستقبلية بالإضافة الي انعكاس تأثيرها على القرارات المالية الداخلية المتعلقة بإدارة رأس المال الرقابي بالبنوك.

• العمل سريعاً على اختبار فعالية خطط التعافي المطبقة بالبنوك من خلال زيادة دورات إجراء محاكاة الخطة، وسرعة إعداد خطط التعافي بالبنوك التي لم تبدأ بعد.

• تحديث سبل ودورة متابعة أداء العملاء بشكل فعال باستخدام مؤشرات مبتكرة لقياس جودة المحفظة الائتمانية ومتابعة العملاء عن كثب خلال فترة التعامل وخاصةً عند ظهور أية مؤشرات أولية للتعثر.

• في ضوء تسارع وتيرة تغير أسعار الفائدة العالمية وأسعار الصرف وانعكاسهم بشكل جوهري على المراكز المالية للبنوك بالمنطقة العربية، فلابد من العمل المستمر والاستباقي لإدارة الأصول والخصوم بالبنوك لمجابهة مخاطر الائتمان والسيولة وأسعار العائد ومخاطر السوق من خلال تصميم نماذج تقييم مخاطر داخلية مستقلة ومتقدمة واستحداث آليات ومنتجات جديدة للتحوط ضد هذه المخاطر.

• العمل على التطوير المستمر لعملية التقييم الداخلي لكفاية رأس المال وخاصةً فيما يخص المخاطر الغير مالية، وزيادة فعالية التخطيط المستقبلي لكافة معدلات رأس المال الرقابي على مستوي كل بنك بشكل مستقل من ناحية، وعلى مستوي المجموعة المالية الأم الذي يتبعُها البنك، وذلك لضمان أتساق السياسات المطبقة بين المجموعات والبنوك التابعة.

• العمل ليس فقط على تطوير إجراءات اختبارات التحمل Stress testing التي تقوم بها البنوك عند تقييم احتياجاتها لرأس المال والسيولة، ولكن أيضا العمل على تطوير السيناريوهات الأشد خطورة والمستخدمة عند إعداد خطط التعافي والعمل على محاكاتها بشكل فعال وذلك لبيان مدى قدرة البنوك على مواجهة المخاطر المختلفة ولاسيما هجمات الأمن السيبراني والمخاطر الغير مالية الأخرى.

• تعزيز نظم المعلومات الائتمانية بالبنوك وتعزيز الإدارات والوحدات المتخصصة بكل بنك لتوفير بيانات لحظية لمسئولي المخاطر لتقييم وقياس وإدارة المخاطر الائتمانية بشكل استباقي وفعال.

• أهمية توجه الحكومات العربية نحو الإسراع بجهود التحول الرقمي والتحول نحو اقتصاد المعرفة، إذ أن الدول التي ستتمكن من التعافي السريع من تداعيات الأزمة، ومن التعامل مع تداعياتها بفعالية وكفاءة سوف تتمثل في الدول ذات المستويات الأعلى من الجاهزية الرقمية.

• دعم البنوك لمراكزها المالية وتدعيم المخصصات والاحتياطيات من خلال تحسين دقة النظرة المستقبلية المنصوص عليها بمعيار 9، والعمل علي تحديث النماذج الداخلية للمخاطر وخاصةً نموذج احتمال التعثر Probability of Default بشكل مستمر ليعكس أثر التغيرات الاقتصادية بشكل دقيق وحيادي.

• تطوير وتخصيص معايير وأُطر قياسية للأمن السيبراني متوافقة مع المعايير والأُطر القياسية الدولية للأمن السيبراني، والتأكد من توظيفها والاستفادة منها في تحقيق مستهدفاتها على النحو الصحيح، ومن هذه الأطر الدولية على سبيل المثال لا الحصر (ISO27001, NIST) وغيرها.

• تشجيع الاستثمار في تخصصات الأمن السيبراني والعمل على بناء القدرات في هذا المجال في المنطقة العربية، ومراعاة إتاحة التدريب والتأهيل المستمر والمتخصص لجميع الكوادر البشرية.

• تحسين مقومات الأمن السيبراني على الشبكات الوطنية وبخاصة الحكومية والمالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى